ألمح المبعوث الأممي إلى اليمن بفشل تطبيق خارطة الطريق في البلاد، وشدد على ضرورة بقاء هذه الخارطة ساريةً، ولكن مع الحاجة إلى تحديثها بناءً على المتغيرات..!! إذ أن اليمن لا يزال بحاجة ماسة إلى عناصر هذه الخارطة من وقف إطلاق النار إلى التعافي الاقتصادي، ثم الوصول لعملية سياسية جامعة وشاملة.. هذا ما قاله هانس غروندبرغ في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة كشفت بوضوح أن اليمن لا يزال عالقاً في دوامة (التوترات الإقليمية الأوسع)، مقراً بأن المواقف تزداد تصلباً بمرور الوقت، وتصبح التحديات أكثر تعقيداً..
وكالعادة لا ينسى غروندبرغ، في إحاطته هذه، التأكيد على أكبر كذبتين يتعايش معهما اليمنيون منذ أكثر من عشر سنوات، الأولى أن الأمم المتحدة تلتزم ببذل كل جهد لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد، وهذا ما لم يدركه أو يلحظه اليمنيون بأي شكل أو صورة فعلية في أي من تصرفات أو مبادرات الهيئة الأممية أو رعاتها ومموليها..!! أما الكذبة الثانية فتأكيده وتشديده على أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء النزاع في البلاد، مع إدراكه شبه المطلق باستحالة إنهاء الأزمة اليمنية بحل سياسي أو توافقات بين الأطراف وبين بعضها، أو من جهة أخرى بينها مجتمعة وبين عموم اليمنيين، وأن الانقلابيين أبعد ما يكونون عن إمكانية الدخول في عملية سياسية عادلة والالتزام بها، ولا داعي إطلاقا للإشارة إلى شواهد سابقة..!!
إنه ذات الأسلوب والنهج في خطاب التقارير الأممية، منذ الأسبوع الأول لإعلان الانقلاب، وبدء عمليات التحالف ضد مليشيا الحوثي الانقلابية.. وإن استجد أمر أو حدث تغيير فلن يتعدى التلاعب بالألفاظ والعبارات الفضفاضة، التي تتعمد التهويم واللاوضوح من جهة، والحديث بشكل أساسي عن الجانب الإنساني ومعاناة اليمنيين وضرورة إيجاد الحلول السريعة، ليس في (تفكيك ملف الأزمة وإنهائها)، وإنما في (أعمال الإغاثة، ومخيمات النازحين!!) جراء المواجهات بين الشرعية والتحالف من جهة والحوثيين من جهة أخرى، وضرورة المسارعة في تلك الأعمال للتخفيف من معاناة المواطنين..!!
خطاب بات يؤكد، وبما لا يدع مساحة للشك والمدافعة، أن المجتمع الدولي هو من يقف وراء ما يحدث ليس في اليمن وحسب وإنما في مختلف البلدان غير المستقرة في المنطقة، وأن مؤسساته الدولية والأممية ليست أكثر من جهاز تنفيذي أو أدوات مساهمة في إدارة أعمال الدول الكبرى.. تلك الدول التي أصبحت تلمح وتصرح بين الفينة والأخرى، وبشكل أصبح مباشراً وملحا مؤخرا، حول دعمها الكبير لتلك المنظمات والمؤسسات الدولية، وكأنها إنما تريد إيصال رسالة فحواها (لا بد من مقابل لما نمنحه من أموال)..!!
وحين نلاحظ التركيز في هذا المنحى، مثل أن يركز المجتمع الدولي على الجوانب الإنسانية وإبداء الأسف لأوضاع الشعب، متناسيا تماماً الأسباب التي تقف وراء تلك الأوضاع ودوافع حدوث المعاناة التي يعيشها اليمنيون على سبيل المثال.. ندرك جيداً أننا مجرد ضحايا أو أرقام وخسائر جانبية، لا بد من حدوثها في مشروع تخريبي تتبناه دول الغرب في منطقتنا، أيا كانت المسميات والصفات المراوغة التي تحاول تلك الدول أن تتزياها أو تتظاهر بها أمامنا وأمام العالم أجمع، وهي تنفذ مشاريعها وتحقق مصالحها الخاصة جداً وبعيداً عن مصالح وحاجات وضرورات البلدان والشعوب التي تستهدفها..!!